هل تطور الإنسان من القردة العليا ؟ / الجزء الثاني
بقلم: محمد خلاوى
(باحث ومدرب في الدراسات القرآنية والفكر الإنساني)
للتواصل على الأكونت الرسمي للمؤلف:
https://www.facebook.com/Dr.Mohamed.Khalawy.Shaker
أستكمل معكم ما بدأته في المقال السابق
http://thinkermofaker.blogspot.com/2016/10/blog-post_11.html
الدنا
المتميّز:
تقول "كاثرين
پولارد": "تكشف المقارنات بين جينومي الإنسان
والشمبانزي تلك الامتدادات النادرة من الدنا التي ننفرد بها وحدنا".
(شكل:2): أدت الجهود
المبذولة لكشف الدنا المميّز للبشر إلى عدد من المتواليات المتميّزة في البشر مقارنة
بالشمبانزيات. وفي هذا الشكل قائمة جزئية بهذه المتواليات مع بعض وظائفها.
النسبة تقل:
كثيرا ما يتبجح الملاحدة و التطوريين بالتشابه بين كروموسوم الإنسان وكروموسوم الشمبانزي لإثبات نظرية التطور وبالأخص لنفي خلق الإنسان بالصورة التكريمية ولكن العلم كلما تقدم أكثر كلما كشف زيف هذه الادعاءات وأنها كانت مبنية على افتراضات لا أساس علمي لها وأخيرا تم اكتشاف أن الكروموسوم الذكري (Y) بين الإنسان والشمبانزي مختلف اختلافا كبيرا لا يمكن معه أن يكونا لأصل واحد(1).
يقول التطوريين أننا نحن "البشر" نتشابه في جيناتنا مع الشمبانزي بنسبة 98 %. وقد أتت الدراسات الحديثة الموسعة على مناطق أكبر من الجينوم لتثبت عكس ذلك الادعاء. فقد وصفت مجلة (أبحاث الجينوم Genome Research) العلمية المحكّمة المرموقة أن مقارنة جينوم الإنسان بذلك الخاص بالشمبانزي هو يشبه البحث عن إبرة في أكوامٍ من القش(2). وتقرر المجلة أن نسبة تقارب الإنسان والشمبانزي ليست 98% كما يزعمون، بل هي 96%. ومؤخرًا النسبة تترواح بين 93% و95%.
بل وأيضاً الدراسات الحديثة تقول أن نسبة التشابه تقل إلى ما يقارب 86 % كحد أقصى للتشابهه بين الإنسان والشمبانزى ولا زال الفرق يزداد توسعا كلما توغل العلماء في الدراسة المتأنية(3).
كما أوضحت تلك الدراسات وجود مناطق لكتل كبيره من الجينوم متطابقة من حيث الإدراج والحذف بين الإنسان والغوريلا وغياب تلك العلاقة في الشمبانزى وهو من المفترض تطوريا انه أكثر قرابة من الغوريلا للإنسان بالإضافة إلى اكتشاف أكثر من 15 % من التماثل بين الإنسان والغوريلا واختلافهم بها عن الشمبانزى فيما يتعلق بقدرات السمع التي من المفترض تطوريا أن الإنسان تميز بها عن الشمبانزى بعد الانفصال فكيف يفسر التطوريون وجودها في الغوريلا وهى قريب أبعد ؟!
فكيف تظهر بالغوريلا ثم تختفي بالشمبانزى ثم تظهر مره أخرى بالإنسان بنفس الطريقة ؟
يقول التطوري "هنري جي Henry Gee" المحرر العلمي في مجلة الطبيعة Nature الشهيرة عن مسألة وجود نسب بين الإنسان والحيوان بناءً على تراص القواعد النكليوتيدية عن أن الأمر لا يعدو مجرد حدوته فيقول: "وكل ما في الأمر أنها مجرد حكاية أو حدوته من أحاجي منتصف الليل المسلية التي قد تكون مُوَجِّهَةً أو مُرْشِدَةً للإنسان في كثيرٍ من الأحيان إلا أنها ومع ذلك لا تستند لأيّ أساسٍ علمي"(4).
و التشابه الشديد مع الإنسان ليس أمرًا حصرياً بالشمبانزي ! لكن هم يريدون التركيز على ذلك لدعاوى أيديولوجية ومقدمات عقائدية معلومة. وإلا فنسبة التشابه بين الإنسان والفأر 99%!(5).
إذن المفترض أن الفأر أقرب للإنسان من الشمبانزي ! هم يركزون على دعاوى ومقدمات لديهم ثم يُخضعون المعطى العلمي لمقدماتهم ويتجاهلون بقية المعطيات!
ألسنا لو اعتمدنا أحجية التشابه الجيني تلك، يمكننا أن نسقط بها شجرة التطور ككل ؟
وفضلا عن كل تلك الاختلافات التي صرخت بها الدراسات فإنه من المعروف أن جينوم الشمبانزى يزداد في الحجم عن جينوم البشر بنسبه تتجاوز 12% وهذا يشكل أيضا فرقا جوهريا للتباين. ولكن الدعاية الإعلامية التي اعتبرت التطور إيديولوجية إلحادية يدافع عنها باستماتة وبأكبر تدليس انتقائي تم ممارسته في تاريخ العلم ظلت تضلل العامة بتلك الأبحاث المتحيزة والتي اثبت عدم صلاحيتها وعدم أمانتها فوجدنا التطوريون يدللون على الأصل المشترك بأدلة لا يجب أن يقول بها عالم للوراثة مثل الكروموسوم الثاني الملتحم في الإنسان كدلالة على أصل مشترك.
حيث أنه بذلك يوائم الزوج الناقص عنه في الرئيسيات والقردة الأخرى حيث يقل عنها بزوج من الكروموسومات فعددها بالإنسان 46 بينما بالقردة 48 كرموسوم. ولكن التدليل بعدد الكروموسومات على التطور هو بالأساس أكثر الحجج التي تقوض وتعترض افتراض شجرة القرابة والنسب الجيني لأن عدد الكروموسومات هو أول عائق أمام شجرة التطور المزعومة حيث أنه من المعروف أن أعداد الكروموسومات تتباين داخل جنس واحد حيث وجدت، أنها بالكلبيات تتراوح بتباين هائل حيث يتراوح عدد الكرموسومات داخل فصيلة الثعالب بين 38-78 كروموسوم بين أنواع مختلفة من الثعالب رغم انف علاقة القرابة التطورية المزعومة.
بالإضافة إلي وجود تلك التباينات بكثرة داخل الفصائل المختلفة الشديدة القرابة كالفئران وغيرها من الأمثلة كثيرا. وقد أثبتت الدراسات أيضا عدم صحة ذلك الادعاء فهذا الدكتور "جيري بيرجمان"، وهو أستاذ في كلية ولاية نورث ويست في ولاية أوهايو، أنجز وفريق عمله مؤخرا أبحاثاً على تسلسل الحمض النووي التي تؤكد بجدية على التشكيك في صلاحية نموذج الانصهار وعدم
حدوثه من الأساس(6).
وهناك دراسة مذهلة من جامعة أكسفورد تقول أن 23٪ من الجينوم لدينا يتناقض مع المعيار بين الإنسان والقرد(7).
السلف المزعوم:
حتى يتحول الإنسان من السلف المزعوم إلى صورته الحالية يتوجب على الداروينية إعطاء تفسير مقنع لنشوء عدة أنظمة بيولوجية تميز الإنسان عن الرئيسيات العليا الأخرى على سبيل المثال لا الحصر:
1. المشي على قدمين منتصبا بالترافق مع التعديل في تركيب الحوض و المخيخ.
2. استطالة الساق وقصر الذراعان مع يد أكثر حذقًا بكثير، مع بصمات أصابع تمتلك حاسة لمس جيدة للغاية.
3. تعديل في البلعوم ينتج عنه السماح بالنطق، والتعديل في النظام العصبي المركزي خاصة في منطقة الفص الصدغي والتي تسمح بالتمييز المحدد للحديث.
4. تغير في الجهاز العضلي.
5. زوال الشعر.
6. المساحة بين العينين قريبة بما فيه الكفاية لإدراك المسافات والرؤية المجسمة.وتقدم شبكية العين وتقدم رؤية الألوان المختلفة .
7. الذكاء والقدرة العقلية الفائقة والفريدة.
ووفقا لما نشرته "مجلة العلوم Science Magazine"، فإن الاختلافات الجينية بين الإنسان والشمبانزى هي 35 مليون زوج من قواعد الحمض النووي على أقل تقدير(8).
كم من الوقت يلزم لإحداث هذا التغيير ؟
في ورقة علمية نشرتها "المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية National Center for Biotechnology Information" (NCBI)، للعالمين (Rick Durrett and Deena Schmidt)، التي تم نشرها في 2008 بمجلة "علم الوراثة Genetics"، بغرض التوصل إلى استنتاجات نظرية حول المعدل الزمني المطلوب لتثبيت الطفرات داخل المجموع السكاني لنوع من الإحياء عن طريق العمليات الحسابية ونماذج المحاكاة الحاسوبية(9).
وجدوا أن الفترة الزمنية اللازمة لتثبيت طفرة واحدة فقط في أسلاف الرئيسيات هي ستة ملايين سنة. وأن الحصول على أثنين فقط من الطفرات وتثبيتها عبر التطور الدارويني للبشر هو 100 مليون سنة.
ما الذي يعنيه هذا ؟
مما سبق يتضح أمر غاية في الوضوح بخصوص فاعلية معدل الطفرة في التطور البشرى المزعوم وفشل الداروينية في توفير الدعم النظري بعد فشل الدعم التجريبي لإثبات قصة السلف المشترك.
بعبارة أخرى، إذا كان تاريخ الانفصال التطوري الذي حدث بين الإنسان والشمبانزى من السلف المشترك قد حدث ما بين خمس لسبع ملايين سنة مضت وهذه الفترة التي من المفترض أن يختلف فيها الإنسان عن الشمبانزى بما مقداره 35 مليون زوج من قواعد الحمض النووي عن طريق الطفرات هي بالكاد كافية لحدوث وتثبيت طفرة واحدة فقط.
فماذا لو علمنا أن تقديرات الوقت المتاح للحصول على اثنين من الطفرات اللازمة في طريق تطور البشر بحسب – البحث الذي أشرنا إليه – هي 216 مليون سنة، وهى طويلة بشكل غير واقعي، وهذا يعنى أن الوقت الذي من المفترض أن تتطور فيه كل الثدييات على كوكبنا من ثدي بدائي عاش في هذا الوقت يتحصل فيه نموذج الوراثة السكانية على طفرتين فقط.
وماذا عن كافة الاختلافات بين البشر والشمبانزي والتي رصدنا بعضها في مستهل كلامنا، كم من الطفرات يلزم للحصول عليها، اثنين ؟! عشرات ؟! مئات ؟! ملايين ؟!
تخيلوا كم من الوقت يلزم لذلك ؟...
------------------------------------------------------------
(1)
أنظر إلى
المقال العلمي المنشور في مجلة (nature) بعنوان:
-
Chimpanzee and human Y chromosomes
are remarkably divergent in structure and gene content, Vol 463, 536-539 (28
January 2010).
(2)
Comparing
the human and chimpanzee genomes: Searching for needles in a haystack, By: Ajit
Varki and Tasha K. Altheide, Published: Genome Research, 2005, Vol: (15) 1746-1758.
(3)
أنظر إلى
المقالات العلمية التالية:
- Global analysis of alternative
splicing differences between humans and chimpanzees, Published:"National
Center for Biotechnology Information" (Genes & Development) (15
November 2007), Vol 21(22): 2963–2975.
- Genome-Wide DNA Alignment Similarity (Identity) for
40,000 Chimpanzee DNA Sequences Queried against the Human Genome is 86–89%,
By: Jeffrey P. Tomkins, Published:"Answers Research Journal",
Vol:4, (28 December 2011).
(4) Henry Gee, In
Search of Deep Time: Beyond the Fossil Record to a New History of Life, New
York, The Free Press, 1999, p.116-117.
(5) the mouse
genome, introduction: Human biology by proxy, BY: Chris Gunter & Ritu Dhand,
Published: Nature 420, 509 (5 December 2002).
(6) - The chromosome 2 fusion model of human
evolution—part 1: re-evaluating the evidence, by Jeffrey Tomkins and Jerry
Bergman, Published: Journal of Creation, Volume 25, Issue 2: 106–110, (August
2011).
-
The chromosome 2 fusion model of human evolution—part 2: re-analysis of
the genomic data, by Jeffrey Tomkins and Jerry Bergman, Published: Journal of
Creation, Volume 25, Issue 2: 111–117, (August 2011).
(7) Mapping
Human Genetic Ancestry, Oxford Journals: Molecular Biology and Evolution, Published: Volume 24, Issue 10,
Pp. 2266-2276, (28 July 2007).
(8) Relative
Differences: The Myth of 1%, By: Jon Cohen, Published: Vol. 316, Issue 5833,
pp. 1836, (29 Jun 2007).
(9) - Waiting for Two Mutations: With Applications
to Regulatory Sequence Evolution and the Limits of Darwinian Evolution, By:
Rick Durrett and Deena Schmidt , Published: vol. 180 no. 3, 1501-1509, (1 November 2008).
-
Waiting Longer for Two Mutations, By: Michael J. Behe, Published: vol.
181 no. 2, 819-820, (1 February 2009).