هل تطور الإنسان من القردة العليا ؟ / الجزء الأول
(باحث ومدرب في الدراسات القرآنية والفكر الإنساني)
للتواصل على الأكونت الرسمي للمؤلف:
https://www.facebook.com/Dr.Mohamed.Khalawy.Shaker
مقدمة
خلال 4 سنوات من البحث المستمر عندما سمعت لأول مرة عن نظرية التطور وكيف
أنها أشتهر عنها مقولة "أن الإنسان أصله قرد" فكانت تنفر عنها
الناس قبل يتعلموا ما هي بالضبط. فأخذت عهد على نفسي أن أدرسها جيداً قبل الحكم
والكلام فيها لذلك أخذت من عمري 4 سنوات من الدراسة المستمرة وما زلت أعرف عنها
الكثير إلى الآن.
وبحكم أنني باحث في الدراسات القرآنية قررت أيضاً أن أدرس النصوص التي
تكلمت عن آدم جيداً لأرى أن كانت نظرية التطور مثبتة علمياً، فكيف يمكن حينها أن
أرى تدبر جيداً يتوافق فيه القرآن مع العلم الحديث ؟ فأخذت بالدراسة والبحث
المستمر بجانب العلم للبحث في الدراسات القرآنية عن ما كتب في هذا التوفيق بين هذه
النظرية والنص القرآني.
ففي النهاية وجدت نفسي أجمع مادة دسمة وكبيرة جداً من المعلومات والمعرفة
في هذا الموضوع لذلك قررت أن أكتب كتاب يجمع هذه الأفكار لعلها تؤثر في الناس
ويتعلم منها أحداً. فقررت التبسيط دون الخلل من المادة المطروحة.
فوجدت نفسي أمام كتاب أكتبه بيدي بعنوان: "نشأة الحياة"
تحت سلسلة متكاملة عن التاريخ بعنوان "قصة الخلق والعمران". وما
أطرحه الآن هي ورقة علمية وهي قطرة صغيرة من فيض معلوماتي ضخم من الكتاب قررت أن
أنشره لكم قبل نشر الكتاب حول موضوع بعنوان: "هل تطور الإنسان من القردة
العليا ؟!".
أتمنى أن تفيدكم هذه المعلومات وفي انتظار نقدكم لما كتبته فبهذا النقد
أستفيد أكثر وأتطور من مادتي المعرفية لأعرضها لكم مجدداً وباستمرار.
تطور الإنسان من القردة العليا !
كما شرحنا من قبل وقولنا أن الداروينية الحديثة تعتمد في مفهوم التطور على
عامل يسمى "السلف المشترك" أن جميع الكائنات الحية بما فيها الإنسان
تطور من سلف مشترك قديم أولي وهي الخلية الحية الأولى البدائية. ثم ترقى سلم
التطور حتى وصل إلى أخر هذه الكائنات وهو "الإنسان العاقل الحديث"،
بذلك؛ يكون الإنسان قد تطور من سلف مشترك بينه وبين القردة وهو ما يسمى بـ
"القردة العليا". وهذا يعني أننا والقردة أولاد عمومة واحدة !
فكيف تكون هذه الفرضية صحيحة ؟
يدعي البعض من العلماء أن جينات القرد والإنسان تتشارك بنسبة عالية جداً
مما يدل ذلك على صحة الفرضية التي يذهبون إليها بأن الإنسان قد تطور من سلف شبيه
بالقرود !..
لذا فهو يشترك في الكثير من الصفات والمزايا مع القرود المعاصرة، وقد ذهب بعض
التطوريين لأبعد من ذلك؛ حيث ادعوا أن قدرات الإنسان ليست إلا قدرات متطورة كانت موجودة
في سلفه التطوري.
يقول داروين في كتابه (أصل الإنسان): "إن اختلاف الدماغ بين الإنسان والحيوانات
العليا كبير، ولكنه كبير من جهة الكم لا النوع؛ فقد رأينا أن الأحاسيس والحدس وجميع
المشاعر والقدرات كالحب والذاكرة والانتباه وحب الاستطلاع والمحاكاة والدراية.. إلخ،
كلها – والتي يفخر الإنسان بها – موجودة لدى كائن بدائي من الحيوانات العليا أو في
بعض الأحيان لدى كائن متطور من الحيوانات الدنيا"(1).
يدعي بعض التطوريين من ناحية أخرى أن الإنسان يملك قدرات جديدة كليا ولا يمكن تفسيرها تبعاً لقدرات الأسلاف التطوريين.
يعرف هؤلاء بأصحاب "نظرية الظهور المفاجئ Emergentists"، ومنهم العالم "هارولد مورويتز Harold Morowitz"(2)(3). يقر هؤلاء العلماء أنه على الرغم من التشابهات المهمة بين الإنسان والقردة إلا أنها تشابهات بعيدة، وخصوصاً فيما يتعلق بالقدرات العقلية والروحية، فيعتبرون أن القدرات المتطرفة، كتلك التي كانت لـ "ويليام جيمس سيديس William James Sidis"(4)، تشير إلى أن الفروق بين الإنسان والقرود جذرية، وتعتبر فروقاً نوعية وليست فروقاً كمية فقط كما ادعى داروين(5).
كيف
أصبحنا بشراً ؟
لازال عوام الملحدين الذين اتخذوا التطور كايدولوجيا لنكران
الخلق وبالتالي نكران الإله يتشدقون بنسبة التشابه بين الإنسان والشمبانزي معتبرين ذلك دليلا على أصل مشترك. وساعدت
دعاية متحيزة كُلياً لنشر تلك الأفكار وتجاهل حقيقة الأبحاث الحديثة والحقيقية التي
أثبتت عكس ذلك الادعاء. فهل فعلاً
الادعاء بتشابهه الشمبانزي والإنسان يتجاوز 98% كما يدعى هؤلاء صحيح علميا ؟
في مقال علمي وجدته في مجلة (Scientific American)(6) الداروينية الشهيرة في عدد
ديسمبر 2009م، قامت الدكتورة (كاثرين پولارد Katherine S. Pollard)(7) بنشر مقال علمي بعنوان (What Makes Us Human?). وقد تُرجم المقال إلى
اللغة العربية في "مجلة العلوم الكويتية" تحت عنوان (ما الذي يَجْعَلُنَا بَشَرًا؟) في عدد ديسمبر
2009.
تجربة
مسح الجينوم:
للعثور على تلك الأجزاء من جينومنا التي جعلتنا بشرا، قامت الباحثة كاتبة المقال بدراسة متوالية (DNA) في أحد الجينات ويُطلق عليه (HAR1) وقامت بدراسة هذا الجين في كل من الإنسان والشمبانزي والدجاج واكتشفت أن المتوالية للـ (DNA) بين الشمبانزي والدجاج تختلف في قاعدتين فقط من أصل 118 قاعدة بينما يصل الاختلاف بين الإنسان والشمبانزي إلى 18 قاعدة، مما يشير إلى أنّ الجين (HAR1) قد اكتسبت وظيفة جديدة مهمة في البشر. وهذا يُشكك في دلالة (DNA) وقدرته على التمييز بين الكائنات الحية المختلفة وأن الأمر لا يعدو كونه مجرد متواليات لقواعد نيتروجينية وليس معنى أن مقاس حذاء الإنسان أقرب لمقاس حذاء التمساح من مقاس حذاء الفيل أننا والتماسيح من أصل واحد فهذه سطحية في البحث ودجل بإسم العلم.
(شكل:1): تغيرات
المتوالية البشرية مقارنة بالتغيرات في متوالية الشمبانزيات والدجاج.
وللحديث بقية في المقال القادم...
---------------------------------------------------------------------------
(1)
Charles Darwin, “The Descent of Man and
Selection in Relation to Sex”, 2nd ed (London: John Murray, 1882), p 126 .
(2)
ولد 4 ديسمبر 1927م، في بوغكيبسي، نيويورك. وتوفي 22
مارس 2016م. حصل على شهادة البكالوريوس في الفيزياء والفلسفة في عام 1947، وماجستير
في الجراحة في الفيزياء في عام 1950، وعلى درجة الدكتوراه في الفيزياء الحيوية في عام
1951، كل من جامعة ييل. كان أستاذ في قسم الفيزياء الحيوية الجزيئية والكيمياء الحيوية
في جامعة ييل 1955-1987. درس تطبيق الديناميكا الحرارية إلى المنظومات الحية. مؤلف
العديد من الكتب والمقالات، ويشمل عمله الدراسات التقنية فضلا عن مقالات. وكان موضوع
أصل الحياة اهتمامه من الأبحاث الأولية لأكثر من خمسين عاما.
(3)
Harold J. Morowitz, “The Emergence of
Everything: How the World Became Complex”, (Oxford: Oxford University Press,
2002), chs 28-32.
(4)
ربما كان "ويليام
جيمس" (1898م – 1944م)، أذكى إنسان عاش في هذا العالم، إذ يتراوح معدل ذكائه حسب
مقياس IQ
بين (250 – 300)، استطاع قراءة صحيفة نيويورك تايمز بعمر 18 شهراً،
وتعلم اللاتينية بنفسه في سن السنتين، ثم تعلم اليونانية في الثالثة من عمره، واستطاع
طباعة الأحرف بكل من الإنجليزية والفرنسية في الرابعة من عمره، قدم بحثاً في التشريح
وهو في سن الخامسة، وأذهل الناس بقدراته الرياضية، تخرج من مدرسة بروكلين الثانوية
بـ (ماساشوستس) وهو في الثامنة، وكان على وشك الالتحاق بجامعة هارفارد، لولا أن هيئة
القبول فيها قررت تأجيل ذلك لعدة سنوات ريثما يتم نضجه الاجتماعي، استجاب ويليام للقرار
ودخل الجامعة في سن الحادية عشر، ونال الشهادة الجامعية بمرتبة الشرف في السادسة عشر
ليصبح فيما بعد أصغر بروفيسور في التاريخ. استنتج ويليام احتمالية وجود الثقوب السوداء
قبل أن يتنبأ بذلك عالم الفضاء " شاندراسيخار
Subrahmanyan Chandrasekhar"، وعندما بلغ كان يتكلم بأكثر من أربعين لغة ولهجة محلية.
(5)
Mortimer Adler, “The Difference of Man and
the Difference It Makes” New York: Fordham University Press, 1993.
(5) هي مجلة أدبيات علمية
أمريكية صدرت طبعتها الأولى في 28 أغسطس 1845، وبهذا تكون من أقدم المجلات المنشورة
في الولايات المتحدة. تنشر المجلة شهريا الجديد في أخبار الأبحاث العلمية ولكنها ليست
دورية علمية موجهة للمتخصصين الأكاديميين كما هو الحال في دورية (Nature) مثلا، وإنما للعامة والقراء العاديين.
وتصدر عن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الترجمة العربية للمجلة بعنوان مجلة العلوم.
(6) باحثة في الإحصاء الحيوي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو.
وفي عام 2003، بعد حصولها على الدكتوراه وإجراء أبحاث بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا
ببيركلي، بدأت "كاثرين" زمالة في الجينوميات المقارنة في جامعة سانتا كروز،
وشاركت خلالها في سَلْسَلة جينوم الشمبانزيات. استخدمت "كاثرين" هذه المتوالية
لتحديد النواحي الأسرع تطورا في الجينوم البشري. وفي عام 2008 حصلت على زمالة سلون
Sloan
البحثية في البيولوجيا الجزيئية الحسابية والتطوّرية، ومؤخرا شرعت
في دراسة تطور الميكروبات التي تعيش في جسم الإنسان.
No comments:
Post a Comment