نموذج صناعة المفكر
بقلم: محمد خلاوى
(باحث ومدرب في الدراسات
القرآنية والفكر الإنساني)
أستكمل معكم ما بدأته معكم
في المقال السابق بالحديث عن "خطوات صناعة المُفكر"، من سلسلة متكاملة
تحمل عنوان "بناء المفكر". لعلي من خلال هذه الكلمات أستطيع أن أعالج
أزمة خطيرة ومهمة من أزمات الأمة الإسلامية وهي (أزمة الفكر).
أسترجع
معكم بعض التعريفات الهامة مما قلته في المقال السابق وهي كالتالي:
-
الفكر: هو إعمال العقل في أمر ما للوصول إلى رأي جديد
فيه.
-
المفكر: هو الشخص القادر على إعمال عقله في أمر ما
للوصول إلى رأي جديد فيه.
-
مثال: المفكر الاقتصادي: هو الشخص القادر على إعمال عقله
في الأمور الاقتصادية للوصول إلى رأي جديد فيها.
-
المفكر بشكل عام هو: الذي يبحث في الظاهرة الحضارية
(تأخر وتقدم الأمم).
-
الحضارة: هي منهج فكري لأمة في حقبة تاريخية يتشكل في
مدنية.
· نموذج بناء المُفكر:
وقد
ختمت معكم المقال السابق بعرض "نموذج متكامل لبناء الـمُفكر"، وأعرض
تفاصيله معكم الآن وفي المقالات القادمة أيضاً..
فهذا
نموذج معرفي صممته لك لمعرفة ما هي الصفات الهامة المطلوبة فيك لتكون من المفكرون
الذين يساهمون في البناء المعرفي للأمم والحضارات ومنها وأهمها الحضارة الإسلامية
العربية..
دعوني
نبدأ بأول جزء من هذا النموذج وهو كالتالي:
· أولاً: حب المعرفة:
وهذا
هو الجزء الأول من معادلة بناء المُفكر هو حب المعرفة. لا بد للمُفكر أن يكون لديه
شغف كبير بالمعرفة ليس مجرد معلومات عامة فهذا ليس للمُفكرين إنما للعامة فالمُفكر
شغفه أعلى بكثير من المثقف. وسألخصها في بعض النقاط الهامة التي يجب أن تكون فيك:
1-
البحث باستمرار
دون تعب وملل.
2- محاولة
استكشاف كل شيء من حوله.
3- تعلم كل
ما هو جديد من حوله.
4- يحترم
المعرفة وعندما يأخذها يعاملها كأنه وقع على كنـز.
5- يكون
سعيد ومبسوط عند حضوره دورة تدريبية جديدة.
6- مستعد أن
يقرأ ويستمع لمحاضرات بالساعات في اليوم الواحد دون زهق.
يقول
أرسطو: " إن الفلسفة تتطلب ممن يعمل فيها شروطاً معينة، منها عشق لاذع، وذهن
بارع، وصبر مقيم"..
سُئل اينشتاين ذات مرة: عن الفرق بينه وبين الإنسان العادي ؟
فقال:
إذا طلبتَ من الإنسان العادي أن يحاول العثور على إبرة في كومة قش، فسوف يتوقف ذلك
الشخص عن البحث حين يعثر على الإبرة، أمَّا أنا فسوف أقفز على كومة القش يحثاً على
الإبر المحتملة.
فحب
المعرفة ليست لها سن محدد حتى لو كنت ستبدأ رحلة بحثك للمعرفة من سن الستين فلا
يأس مع الحياة، وهذه ليست شعارات إنما حقيقة الذين يحبون الحياة ويكون لهم رسالة
وغايات عليا فيها هم من يعيشون بنجاح ويخلدهم التاريخ في كتبه ولن ينساهم لما
قدموه من خير للإنسانية.
أذكر
هنا ولا أنسى كلام الدكتور فاروق الباز العالم المصري المعروف في حوار له منشور
على الانترنت سمعته يقول: أنه حينما انتهى من التعليم في مصر وقرر الذهاب إلى
أمريكا لم يكن يعلم الكثير في المجال الذي سيعمل فيه لأنه سيعمل في وكالة ناسا
الفضائية وهو كل معلوماته المعرفية كانت عن علم الجيولوجيا فقط فحينها قرر أن
يتعلم من جديد عن الفلك والفضاء ولم يتعالى على العلم والمعرفة وقال أنا انتهيت من
التعليم وأنا أكبر من هذا ! بل قرر التعلم والبحث ليطور من نفسه ويكون الأفضل باستمرار.
فهو دائماً يقول أنه إلى الآن ورغم كل ما وصل إليه من معرفة وشهرة كبيرة ولكنه كل
يوم يتعلم ومستمر في التعلم. هذا هو حال مُحب المعرفة.
سأطرح
عليك الآن اختبار سريع مكون من أسئلة ستجاوب عليها لتقيس أين تقف أنت من مستواك
المعرفي والثقافي. وهذا هو الاختبار..
مقياس لاختبار الاهتمامات الفكرية والثقافية والعلمية والمهارات
لديك
م
|
ضع
إشارة
( كن
صادقاً إلى أقصى حد ممكن، فالتمرين لك أنت )
|
لا
0
|
نادراً
1
|
وسط
2
|
دائماً
3
|
1
|
أحب أن أتعلم باستمرار. وأحب أن أستكشف الأمور والأفكار الجديدة. وأحرص
على اكتساب مهارات جديدة دوماً. ولا أتكبر على التعلم. وأؤمن أني مهما وصلت فما
زال أمامي المزيد لأتعلمه.
|
||||
2
|
أنا لا أستحي من ذكر أخطائي وتجاربي الفاشلة، وأعتبر منها وآخذ الدروس
والقوانين للحياة.
|
||||
3
|
أقرأ واسمع وأراقب تجارب الآخرين (الفاشلين منهم والناجحين).
وأحب قراءة سيرة حياة المشهورين (وبالذات عندما يتكلمون عن فشلهم).
|
||||
4
|
لا أخشى التجارب الجديدة. ولدي استعداد للمغامرة حتى لو خسرت فمع
المغامرة تأتي النجاحات والأرباح الكبيرة. وأؤمن أن الذي لا يغامر لن يكون
نجماً.
|
||||
5
|
ثقافتي متنوعة من القراءة والاحتكاك والسفر. وأحتك بكل الأصناف حتى الذين
يخالفون فكري ومبادئي.
|
6
|
اقرأ الكتب والنشرات التي تستحق القراءة ولا أضيع وقتي في توافه المجلات
والكتب
|
||||
7
|
أؤلف الكتب أو أكتب المقالات (أو أكتب أفكاري) باستمرار
|
||||
8
|
لدي فترات هدوء للتأمل الفكري والعقلي
|
||||
9
|
أتحدى ذهني من خلال نشاطات عقلية أو حل الألغاز والألعاب الذهنية وغيرها
مما يحرك التفكير لدي
|
||||
10
|
اقرأ ما لا يقل عن 400 صفحة شهرياً (حوالي كتابين من الحجم المتوسط)
|
||||
11
|
أحاور باستمرار ذو الأفكار المبدعة والغريبة
|
||||
12
|
أفكر كثيراً قبل التخطيط لآي فكرة أو مشروع
|
||||
13
|
أنظم وقتي وأخطط له باستمرار
|
||||
14
|
أتابع على الأقل 3 مواقع إلكترونية تزيد معلوماتي وثقافتي
|
||||
15
|
أحضر 3 دورات تدريبية على الأقل في السنة الواحدة (الدورة لا تقل عن 15
ساعة)
|
||||
16
|
أحضر مؤتمراً علمياً في مجال تخصصي مرة كل 3 سنوات على الأقل
|
||||
17
|
نصف قراءتي في المجال الذي يهمني، ونصفها في الأمور الأخرى
|
||||
18
|
قراءة الروايات والقصص لا تزيد عن 10 % من قراءتي
|
||||
19
|
أتابع مجلة علمية متخصصة في المجال الذي يهمني باستمرار
|
||||
20
|
أتابع أثنين من كبار علماء المجال الذي يهمني باستمرار أو من المفكرين
الكبار
|
||||
21
|
أتابع مجلة ثقافية أو سياسية شهرياً
|
||||
22
|
أتابع أخر التطورات العلمية التي تهمني في مجال اهتمامي باستمرار
|
||||
23
|
لا أضيع وقتي كثيراً على الانترنت والهاتف
|
||||
24
|
أحسن اللغة العربية كتابة وإلقاء بقواعدها الرئيسة (وليس بالضرورة
الدقيقة)
|
||||
25
|
أحسن استعمال الكمبيوتر وأقلها
( Internet- Microsoft Office – facebook – twitter )
|
||||
26
|
أحسن اللغة الانجليزية كتابة وقراءة ومحادثة بشكل معقول
|
||||
27
|
أحسن مهارة التأليف (كتب أو مقالات)
|
||||
28
|
أحسن مهارة كتابة الخطط الإستراتيجية والتشغيلية، وأعرف كيف أتابع
تنفيذها
|
||||
29
|
أعرف قدراتي ومهاراتي كما أعرف نقاط قوتي ونقاط قصوري
|
30
|
لا أتشتت في أعمال كثيرة بدون إنجاز، ولا أقبل أعمالا خارج مجال حياتي
|
||||
31
|
تعلمت فن القيادة عملياً ونظرياً، وأعرف كيف أمارسه بفاعلية
|
||||
32
|
تعلمت المنهجية العلمية لفن الإلقاء بمهاراته المختلفة. وأعرف كيف ألقي
بطريقة مؤثرة.
|
||||
33
|
تعلمت علم تقديم الدورات (بغض النظر عن المجال) وأعرف كيف أحضر دورة
تدريبية كاملة (من شرائح الكمبيوتر، والألعاب والتمارين).
(هذا العلم سيساعدك على النجومية، كما سيساعدك على تدريب تلاميذك
ومتدربيك بفاعلية كبيرة).
|
· تقييم مستوى الدرجات
في الاختبار:
ضعيف
|
مقبول
|
متوسط
|
ممتاز
|
من 0 إلى 33
|
من 34 إلى 55
|
من 56 إلى 77
|
من 78 إلى 99
|
-
إذا كان مستواك ضعيف أو مقبول ففي هذه الحالة مطلوب منك
تطوير نفسك في هذه البنود.
-
وإذا كان مستواك متوسط فأجعل هدفك هو التطوير للأفضل.
-
وإذا كنت ممتاز فأجعل هدفك المحافظة على هذا المستوى
والتحسين المستمر.
قال الشافعي
العلم صيد والكتابة قيده قيَّد صيودَك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة وتتركها بين الخلائق طالقة
|
قال الشافعي
تَعلَّمْ فليسَ المرءُ يُولَدُ
عالماً وليسَ أخو علمٍ كمنْ هوَ جاهلُ
وإنٌ كبير القومِ لا علمَ عندَهُ صغيرٌ إذا التفَّتْ
عليهِ الجَحافِلُ
وإنَّ صغيرَ القومِ إنْ كان
عالماً كبيرٌ إذا رُدَّتْ
إليهِ المحافِلُ
|
قال الشافعي
تصبَّر على مُرَّ الجفا من معلم فإن رسوبَ
العلم في نَفَراته
ومَنْ لم يَذُقْ ذُلَّّّ التعلُّم
ساعةً تجرَّع
ذُلَّ الجهل طول حياته
|
قال الشافعي
أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ سآتيك
عنها مُخبراً ببيان
ذكاءٌ، وحرصٌ، واصطبارٌ،
وبُلغةٌ وصحبةُ أستاذٍ، وطول زمان
|
قال الشافعي
إذا لم يَزد علمُ الفتى قلبَه هدى وسيرَتهُ عَدْلاً وأخلاقهُ حسنا
فبشره أن الله أولاهً نقمةً يُساء مثل الذي عَبَدَ الوثنا
|
قال الشافعي
شكوتُ إلى وكيعٍ سوءَ حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلمَ فضلٌ وفضلُ
الله لا يؤتاهُ عاص
وقال اعلم بأن العلمَ نورٌ ونور الله لا يؤتى عاص
|
لقد كنت أرى أبعد من الآخرين، وذلك لأنني كنت أقف على أكتاف العمالقة
السير: إسحاق نيوتن
|
أختم
معكم هذا المقال بهذا الجزء الأول من هذا النموذج وفي المقال القادم سأتحدث عن
باقي الخطوات بالتفصيل...
No comments:
Post a Comment