الفرق بين مفهوم (الجن) و (الإنس) في القرآن

الفرق بين مفهوم (الجن) و (الإنس) في القرآن

بقلم: محمد خلاوى

(باحث ومدرب في الدراسات القرآنية والفكر الإنساني)

قال تعالى: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " الذاريات: 56

  ·        تحدثت من قبل في بحثٍ سابق عن مفهوم ( الجن ) واتفقنا على أنه يعني؛ جذر ( جَنَ ): كلمة تدل على طاقة قوية وشديدة مستترة وساكنة. قولنا أنها صفة للأشياء تدل على قوة طاقية شديدة تكون مستترة وساكنة، تنتظر للظهور بفعلها. وقولنا أن مفهوم ( الجن ) هم؛ مثلاً: الجماعات التي تعمل في الخفاء لتدمير الدول والمجتمعات، يخططون للتدمير وللشر وبداخلهم طاقة كبيرة تسعى للدمار وتنتظر لتضرب ضربتها في الخفاء حتى لا يشعر بها أحد. وهم في الواقع مثل الماسونية والصهيونية العالمية ! .

  ·        دعونا ننظر في كلمة ( الإنس ) فهي مشتقة من الجذر اللساني العربي ( أنس )، سننظر في المعاجم العربية لنفهم معناها ثم سنحلل دلالة حروفها فيزيائياً.

  -       في معجم مقاييس اللغة ( لأبن فارس ) ( متوفى 395 هـ )؛ قال:

( أنس ): الجيم والنون والسين أصل واحد، وهو ظهور الشيء، وكل شيء خالف طريقة التوحش. قالوا: الإنس خلاف الجن، وسموا لظهورهم. يقال آنست الشيء إذا رأيته. قال تعالى: " فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا " النساء:6 .

والأنس: أنس الإنسان بالشيء إذا لم يستوحش منه.

  -     وفي معجم لسان العرب ( لأبن منظور ) ( متوفى 711 هـ )؛ قال:

( أنس ): الإنسان: الجمع الناس. والأنس: خلاف الوحشة، وهو مصدر قولك أنست به. والأنس والاستئناس هو التأنس.

  ·        دلالة أصوات حروف الجذر ( ء – ن – س ):

ء: صوت خفيف يدل على ظهور مفاجئ في الزمان والمكان.

ن: صوت يدل على ستر أو اختباء أو سكون.

س: صوت يدل على حركة بشكل غير واضح وغير عميق آولي.

( أَنَـسَ ): كلمة تدل على ظهور حركة مفاجئة في زمان ومكان محدد، وتظهر هذه الحركة بشكل ساكن وهادئ.

  ·        إذن هما صفتان ( جينات وراثية أو مكتسبة من الاختلاط بالواقع المحيط ) قد خلقها الله تعالى، ليتصف بها البعض، فـ ( الجان ): هو الذي نَشطت فيه هذه الصفة ( جَنَ ) فيكون قوة طاقية كبيرة جداً، و ( الإنس ): هو الذي نَشطت فيه صفة ( أنس ) بمعنى الهدوء والسكينة.

  ·        فالأنس والجن صفتان لبني آدم من الناس، أحياناً ينفصلوا فيكون هناك (شخص) فيه صفة ( أنس ) الهدوء والسكينة وهذا نراه كثيراً في حياتنا اليومية، فكم من شخص رأيته في حياتك كان هادئ جداً جداً ! فأنا رأيت وأعرف منهم أشخاصاً، فهذه الصفة إذا زادت عن حدها كانت مضرة وغير مفيدة. وأحياناً يكون هناك (شخص) فيه صفة ( جَنَ ) القوة والطاقة الزائدة ونسميه أحياناً في حياتنا ( إنسان Hyper ) ونرى أطفالاً كثيرة من هذا النوع، كثيرين النشاط الحركي ! .. وإذا زادت هذه الصفة عن حدها كانت غير مفيدة وضارة جداً، فعندما تزيد ( صفة الجن ) يُصبح حينها أسمه ( شيطان ) لأنه خرج عن النظام الرباني الموضوع له.

  ·        فنحن في كل ذلك نتكلم عن صفتين يُكتسبوا إما عن طريق ( الجينات الوراثية ) ونولد بها وإما عن طريق ( سلوك مكتسب من الواقع المحيط بيننا ) والأفضل أن يُصبح صفتك ( إنسان ) يجمع بين ( الجن ) و ( الإنس ) وبذلك تكون متوازن .